غزة/ شبكة نوى- فلسطينيات:
يستاء عبادة الخالدي إلى حدٍ كبير، بسبب استمرار وصول الإخطارات الحكومية التي تطالبه كصاحب مولدات كهربائية، تزود المواطنين بالكهرباء فترة انقطاعها في كل من حي الشيخ رضوان ومخيم الشاطئ، بإزالة الكوابل، وتسوية أوضاعه الضريبية مع الجهات الرسمية.
مع بداية العام 2020م، شمل الخالدي ككافة أصحاب المولدات الكبيرة، قرار الحكومة بغزة الذي يقضي باعتبار "المولدات الكهربائية المنتشرة في شوارع محافظات قطاع غزة، حرفة جديدة تستلزم إجراءات ومعاملات رسمية، في الوزارات الحكومية المختصة".
يبدأ صاحب "مولدات الخالدي" الذي بدأ العمل في هذا المجال منذ العام 2015م، حديثه مع شبكة "نوى" بالعودة إلى بداية تشغيله لأول مولدٍ بديل، وما قابله من ترحيبٍ حكومي كبير، "إذ وجدت الحكومة بغزة في هذه الخطوة، فرصة لوقف معاناة السكان من أزمة انقطاع الكهرباء الطويلة، حيث أصبحت أغلب مناطق القطاع مغطاة بالمولدات البديلة".
"تهدد الجهات الحكومية مصدر رزقنا اليوم بالإغلاق، مع أننا نفذنا كافة إجراءات الأمن والسلامة، قبل أن يطالبونا هم بذلك، سلطة الطاقة تبتزنا، تمنعنا من تمديد كوابلنا، وتقدم البلاغات، لتوقفنا الشرطة وتزيلها".
ويقول: "تهدد الجهات الحكومية مصدر رزقنا اليوم بالإغلاق، مع أننا نفذنا كافة إجراءات الأمن والسلامة، قبل أن يطالبونا هم بذلك"، مواصلًا حديثه بحدة: "سلطة الطاقة تبتزنا، وتعمل على منع تمديد كوابلنا على أعمدة الكهرباء، وحتى الكوابل الممدودة تقدم فيها البلاغات، لتوقفنا الشرطة وتزيلها".
يعقب الخالدي على القرار الرسمي بالقول: "طلبنا أن يقتصر القرار على معايير الأمن والسلامة، لكن تفاجئنا بقانون، يهتم بفرض الضرائب لزيادة التكاليف العالية التي نعاني منها، فالمواد الأساسية لتشغيل المولدات مرتفعة، وإدخال قطع الغيار الممنوعة من قبل الاحتلال يكلفنا أموالًا طائلة، ناهيك عن تكلفة الصيانة المرتفعة، فالمولدات مضى على عملها 20-25 سنة، وهي بحاجة إلى عملية صيانة شاملة كل ستة أشهر"، موضحًا أن تكلفة الكيلو الخارج من المولد تساوي 2 شيقل، يضاف عليها فاقد شبكة خارجية.
ويبين الخالدي أنه إذا استمرت الحكومة بإجراءاتها، فسيرجع القطاع إلى أزمة الكهرباء التي كان يعيشها قبل العام 2015م، وسيتوقف أصحاب المولدات عن العمل، معلقًا بقوله : "كل ما نريده منع الجباية الكبيرة عن كاهل الموزعين، نحن مع القانون وتنظيم العمل، لكن القانون ينص على الجباية فقط".
"الجباية غير المبررة"
يسترجع رئيس رابطة مولدات الكهرباء بغزة، حسام الموسى ما حدث عام 2016م، عندما حثه عرض المجلس التشريعي بغزة لحل مشكلة الكهرباء، على شراء مولدٍ بديل، كمشروع تجاري، أسوة بالعديد من ملاك تلك المولدات الذين قال عنهم : "إنهم عجلوا ببيع أملاكهم، من أجل افتتاح مشروع مولد كهربائي، يقتاتون من مردوده، وفي الوقت ذاته يحلون جزءًا من أزمة الكهرباء المتفاقمة".
مضت سنوات على عمل تلك المولدات، لكن ما حدث مع بداية العام 2020م (والحديث لـ الموسى) قلب الأمور رأسًا على عقب، إذ فوجئ أصحاب المولدات بصدور قرار الحكومة، الذي ينص على تنظيم المولدات لكنه يهدف لـ"أعمال الجباية غير المبررة" من وجهة نظره.
ويوضح أنهم كأصحاب مولدات عجلوا لتقديم اعتراضات على إقرار تلك الرسوم، لكنها قوبلت بعدم الرد والمماطلة المستمرة –كما يؤكد- متابعًا بقوله: "يطلب القرار حصولنا على سجل تجاري، وملف ضريبي، وجباية ضريبة الدخل بعد إلزامنا بتركيب عداد على المولدات".
ويكمل: "يجب أن ندفع مبالغ معينة لسلطة الطاقة، 2 دينار لكل كيلو من المولدات الموجودة، بمعنى لو لدي مولد ألف كيلو، سأدفع 2000 دينار سنويًا، ألف دينار مقدمًا في سلطة الطاقة".
أكثر ما يستهجنه الموسى في تلك القضية هي دور شركة كهرباء غزة، على اعتبار أنها شركة خاصة، إذ يلزمهم القانون الجديد، بإحضار موافقة خطية من طرفها في مشروع تشغيل المولدات.
أكثر ما يستهجنه الموسى في تلك القضية هي دور شركة كهرباء غزة، على اعتبار أنها شركة خاصة، إذ يلزمهم القانون الجديد، بإحضار موافقة خطية من طرفها في مشروع تشغيل المولدات.
يتساءل: "بأي حق يطلب مني القانون الحصول على موافقة خطية من تلك الشركة للعمل، في هذه الحالة تصبح شركة الكهرباء مع الحكومة، وتربطني بها"، متابعًا بغضب بدا في نبرة صوته: "لماذا ندفع هذه المبالغ لجهات لا تقدم لنا شيئًا؟ ندفع مقابل ماذا؟ إذ كان همهم مصلحة المواطن، فتلك المصلحة تتطلب إلغاء ضريبة السولار، كل المولدات التي نستهلكها هي مواد مدفوعة الضريبة، وأنا لا أستطيع رفع سعر الكيلو على المواطن، فهامش الربح قليل جدًا، الكيلو يكلفنا 3.3 شيقل، والمواطن بالكاد يتحمل سعر 4 شواقل".
تنظيم عمل المولدات
ولا ينفى نائب رئيس البلدية م. أحمد أبو راس، حقيقة الجولات على أصحاب المولدات الكبيرة في قطاع غزة، بهدف دفعهم إلى توثيق أوضاعهم كما يؤكد، "وإخطار من لا يستجيب منهم، بالإيقاف الإداري، إلى حين تلبية اشتراطات الأمن والسلامة".
يقول أبو راس: "بعد توسع ظاهرة الاعتماد على المولدات بشكل كبير، زاد خطر عمل هذه المولدات على المواطنين، مما اقتضى تعامل البلدية بالشراكة مع الدفاع المدني، لضمان عوامل الأمن والسلامة، وذلك استجابة لخطوة الحكومة بغزة، بضرورة إيجاد حل ينظم عمل المولدات كحرفة أضحت قائمة".
أبو راس: "التخوف الأكبر لدى أصحاب المولدات، يتعلق بعداد المولدات، التي سيؤدي تركيبها إلى معرفة حجم الكمية المغذية للمستفيدين".
ويضيف: "أصحاب المولدات اعترضوا على فرض الرسوم ضمن هذا القرار، وهي رسوم تتجزأ إلى رسوم ضريبة الحرفة من قبل البلدية، ورسوم مفروضة من قبل سلطة الطاقة"، ملفتًا إلى أن التخوف الأكبر لدى أصحاب المولدات، يتعلق بعداد المولدات، التي سيؤدي تركيبها إلى معرفة حجم الكمية المغذية للمستفيدين.
ويتابع: "كبلدية، نفرض رسومًا على أي حرفة بما يتراوح بين 1050 و 1550 شيقل سنويًا، وفيما يتعلق بهذه الحرفة المستحدثة، فسيتم تحديد ذلك (قيمة الضريبة) تبعًا لحجم المولد".
وبخصوص الحديث عن كون هذه المولدات غير قانونية، يوضح أبو راس أن البلدية أمام خيارات صعبة، فإما أن يقبلوا بوجود مولد أو اثنين لتغذية منطقة معينة، أو أن يقبلوا بوجود 200 مولد منزلي قد يتسبب عملها في وقت انقطاع التيار بمخاطر جمة على حياة المواطنين، معقبًا بالقول: "أنا مع تنظيم عمل المولدات الكبيرة، التي تحصر الضرر في مكان واحد، لكن مع إلزامه بالصيانة و معايير الوقاية والسلامة".
رسوم "حرفة"
توجهت "نوى" إلى مدير العلاقات العامة والإعلام بشركة توزيع الكهرباء، محمد ثابت، الذي بدأ حديثه بالتأكيد على أن انسداد الأفق أمام حل أزمة الكهرباء المتفاقمة منذ بدأ الحصار على قطاع غزة قبل 14 عامًا، وازدياد عدد المولدات، هو ما ألزم الجهات الرسمية في قطاع غزة، بالعمل على حل أوضاع تلك الحرفة الجديدة، "بل استوجب أن يكون هناك نظام محكم لتنظيم عمل المولدات من الجهات المعنية".
تم ذلك (تبعًا لثابت) بعد مناقشة تلك الأوضاع لعدة سنوات، بين البلديات، وسلطة الطاقة، والدفاع المدني، ووزارة الحكم المحلي، ليتم مع بداية هذا العام، اعتماد نظام جديد للتعامل مع المولدات من قبل الجهات الحكومية.
ويبين ثابت أن أهم أسباب وضع هذا النظام، هو ارتفاع الأسعار على المواطنين بشكل مبالغٍ فيه، إذ يكلف الكيلو صاحب المولد 1.8، وهو يبيعه بسعر 3.5 أو 4 شيقل للمواطن.
ويبين ثابت أن أهم أسباب وضع هذا النظام، هو ارتفاع الأسعار على المواطنين بشكل مبالغٍ فيه، إذ يكلف الكيلو صاحب المولد 1.8، وهو يبيعه بسعر 3.5 أو 4 شيقل للمواطن، مما يعني أنه يحقق أرباحًا خيالية، وهناك منهم من يضع حدًا أدني للدفع، بغض النظر عن قيمة الاستهلاك، مشيرًا إلى أن "المولدات البديلة"، كحرفة جديدة، يجب أن يكون لها مرجعية ومحددات، من أجل تنظيم العمل، "فمع الطلب على كهرباء المولدات، نتيجة عجز الحكومة عن توفيرها بسبب إجراءات الاحتلال وما فرضه الانقسام، كان لا بد من غض الطرف عن عمل المولدات البديلة لسنوات عدة، ولكن وبما أن أزمة الكهرباء لم تحل، فلا بد من تنظيم العمل وفق ضوابط القانون والسلامة "وفي حال حُلت الأزمة حكوميًا، فسيتم مطالبتهم بإيقاف مولداتهم فورًا".
في هذه القضية، بدأ دور شركة الكهرباء، حين رفعت الشركة كتاب توصيات لسلطة الطاقة، حول تجاوزات أصحاب المولدات "وتعدياتهم على ممتلكات شبكة توزيع الكهرباء، كتوزيع كوابلهم على أعمدة الشركة"، الأمر الذي تسبب في أعطال متلاحقة بشبكة الكهرباء، وتعرض عمال الشركة الفنيين للخطر.
كما وجدت الشركة حالات سرقة من خطوط الكهرباء، يتم بيعها على أساس أنها من منتجات المولد.
يشير ثابت، إلى وجود لائحة تنفيذية، تضم إجراءاتٍ تسبق منح الشركة لأصحاب المولدات إذنًا للعمل، ومنها أن يكون لون كوابل المولد عازلة، ومميزة عن ألوان كوابل شركة الكهرباء، بالإضافة إلى تعهد صاحب المولد بعدم الاعتداء على الكهرباء العامة، ناهيك عن كثير من الأمور الفنية التي تستلزم الفحص والمتابعة.